العدل
يُقصد بالعدل الإنصاف، وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، والاعتدال بلا إفراط ولا تفريط، وهو نقيض الظّلم والجور، والعدل اسمٌ من أسماء الله الحسنى؛ فالله عزّ وجلّ حاشاه أن يظلم ولو مثقال ذرّة، عدلُه مُطلَقٌ لا يُدركه العقل البشريّ، ولكنّه أخبرنا به، وعلّمنا إيّاه. نستطيع أن نستدلّ على العدل في الدّين الإسلاميّ من خلال الآيات الدّالّة عليه في القرآن الكريم وفي هذا الكون أيضًا، فقد أوصى الإسلام و حثّ في غيرِ موضعٍ أتباعه على التّمسّك والتّحلي بصفةِ العدل؛ لأنّها سبيلٌ لانتظام الحياة وتقوى القلوب، قال تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداءَ بالقسط ولا يجرمنّكم شنئان قومٍ على ألّا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون) [المائدة:٨]
مظاهر العدل في الإسلام
تتعدّد وجوه العدل في الإسلام، فنجد العدل في التّشريع، والخلق، وكلّ أمرٍ صدر عن الله عزّ وجلّ، ومن هذه المظاهر :
- عدل الله عزّ وجلّ في الخَلق: والهيئةِ التي خلق الإنسان عليها؛ حيث عَدَل في شكله، وفي مكان وجهه ويديه، وسائر جسمه، وأحسن خِلقته وجعل كل شيءٍ فيه بقَدَر، كذلك خَلْقُ السماوات والأرض، والليل والنهار، فلا الليل يطغى على النّهار ولا النّهار يطغى على الليل، فجعل لكلٍّ منهما ساعاتٍ مُحدّدةٍ بلا إفراطٍ ولا تفريط، وإنّما الاعتدال بين هذا وذاك.
- العدل في التشريع الإسلامي: نجدُ عدل الله في صلواتنا، وعدد ركعاتها، وعدله في صيامنا ثلاثين يومًا؛ فلو كان أكثر من ذلك لما تحمّلنا، وكذلك العدل في كلّ أحوالنا تحت ظلّ ديننا القويم؛ فمثلًا رخّص لنا الإسلامُ الفِطْر في رمضان عند السّفر الطّويل الشّاق، أو المرض الشّديد.
- العدل بين العباد في الحساب: وذلك في الدّنيا والآخرة، بأخْذِ الحقوق لأصحابها فلا تضيع، وتشريع القوانين والأنظمة الخاصّة بالقضاء، والفصل في المُنازعات بين الناس بالعدل، والله يوم القيامة يُحاسب العبد، ويجعل جزاءه من جنس عمله، ولا يظلمُ شيئًا.
- العدل بين العباد في الرزق: وزّع الله سبحانه وتعالى الأرزاق على النّاس، وقسّمها بينهم وِفقًا لحِكمته وعلمه وعدله، وبما يصلح به أمر الأفراد.
وجوه العدل الواجبة في حياة المسلم
- أن يعدل مع نفسه: فيقودها إلى فعل الخيرات والتوحيد، ويبتعد عن المُنكرات والشّرك الذي هو أعظم الظّلم، قال تعالى: (إنّ الشِّرك لظلمٌ عظيم) [لقمان:١٣].
- أن يعدل مع زوجته: فيقدّم لها حقوقها وكلّ ما يلزمُها، وإ ن كان مُتزوِّجًا أكثر من زوجةٍ واحدةٍ فعليه أن يعدل بينهنّ في كلِّ شُؤون الحياة في الأكل، والشُّرب، والمسكن، وكلّ النفقات.
- أن يعدل بين أبنائه: فيوفّر لهم سُبُل العيش الكريم، ولا يُفضّل أحدَهم على الآخر بمالٍ أو مُعاملةٍ أو غيرها، حتى لا تنشأ البغضاءُ والضّغينة بينهم، ويتولّد الحقد، فيكره بعضهم بعضًا.
- أن يعدل مع كل الناس: في عمله وكلّ مُعاملاته أينما كان موقعُه؛ فالله عزّ وجلّ يحبُّ أن يسود العدل بين عباده، ويُبغض الظّلم والجور بينهم، قال تعالى: (إنّ الله يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغيِ يَعِظُكم لعلَّم تذكَّرون) [النحل:٩٠].